- القوانين التي تحظر الرعاية لتأكيد الجندر لليافعين الترانس (عابري/ات النوع الاجتماعي) في الولايات المتحدة تُلحق ضررا بالغا بهم وبعائلاتهم، وبأنظمة الرعاية الصحية والمجتمع المدني.
- في ظل إدارة ترامب، تعاني الأسر وتواجه عوائق مستحيلة للحصول على الرعاية، بينما تكثف الحكومة الفيدرالية هجومها على حقوق الأشخاص الترانس.
- الولايات المتحدة ملزمة وفق القوانين الدولية بحماية حقوق اليافعين الترانس. ينبغي للمشرعين إلغاء الحظر، وضمان الرعاية، وحماية اليافعين الترانس وعائلاتهم.
(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم إن قوانين حظر الرعاية الطبية لتأكيد الجندر للأشخاص اليافعين الترانس (عابري/ات النوع الاجتماعي) في الولايات المتحدة تُلحق ضررا بالغا بهم وبعائلاتهم. منذ 2021، فعّلت 25 ولاية حظرا شاملا على هذه الرعاية الطبية التي تعتمد على الممارسات الفضلى، مستبدلة العلاجات التدريجية القائمة على الأدلة بقيود صارمة ودوافع سياسية.
يوثق التقرير الصادر في 98 صفحة، بعنوان "تدمير الحياة: حظر الرعاية الطبية لتأكيد الجندر لليافعين الترانس في الولايات المتحدة"، العواقب الوخيمة لهذه القوانين على الأشخاص الترانس اليافعين، بما في ذلك تزايد القلق والاكتئاب، وسبع محاولات انتحار أُبلِغ عنها. وجدت هيومن رايتس ووتش أن هذه القوانين تساهم في خلق مناخ يزداد عدائية ضد الأشخاص الترانس، ما يجبر الأشخاص اليافعين على إخفاء هوياتهم والانعزال اجتماعيا. كما تزعزع القوانين استقرار أنظمة الرعاية الصحية وتقوّض المجتمع المدني، وتخلق تحديات جغرافية ومالية أمام الحصول على الرعاية. واشتد هذا التأثير منذ أوائل 2025، عندما اتخذت إدارة الرئيس دونالد ترامب سلسلة إجراءات تنفيذية صعّدت الهجمات الفيدرالية على حقوق الترانس.
قالت ياسمين سمالينز، المسؤولة في برنامج حقوق مجتمع الميم-عين: "حرم المسؤولون الأمريكيون الأشخاص اليافعين الترانس (عابري/ات النوع الاجتماعي) من الرعاية الأساسية التي تعزز حياتهم، ودفعوهم إلى هاوية حرب ثقافية، ووضعوا عوائق مستحيلة أمام حصول العائلات على الرعاية، بينما تكثف الحكومة الفيدرالية هجومها على حقوق الأشخاص الترانس".
قابلت هيومن رايتس ووتش 51 شخصا في 19 ولاية تأثروا بهذه الحظر التشريعي، منهم أشخاص ترانس يافعون، وأهالٍ، وكوادر طبية، ومدافعون عن حقوق الإنسان. كما استشارت 32 من منظمي حقوق مجتمع الميم-عين، وأجرت جولة إضافية من المقابلات بعد تنصيب الرئيس ترامب لتوثيق أثر سياسات إدارته الجديدة.
يعيش أكثر من 100 ألف شخص يافع ترانس في ولايات تحظر تقديم الرعاية الطبية لتأكيد الجندر لليافعين. تصنف ست ولايات تقديم هذه الرعاية على أنها جناية، وتتضمن قوانين ثماني ولايات نصوصا فضفاضة متعلقة بـ "المساعدة والتحريض" تسمح بمعاقبة مقدمي الرعاية على الإحالة العلاجية أو إصدار الوصفات الطبية. وسعت إدارة ترامب إلى تقييد الوصول عبر أمر تنفيذي صدر في 28 يناير/كانون الثاني، والذي تسبب رغم عدم تطبيقه بالكامل في توقف بعض العيادات عن تقديم خدماتها في الولايات التي ما تزال فيها هذه الرعاية قانونية. تنظر المحكمة العليا الأمريكية حاليا قضية "سكرميتي ضد الولايات المتحدة" التي تطعن في حظر ولاية تينيسي، ويتوقع صدور قرارها في يونيو/حزيران.
أفادت العائلات المتضررة من الحظر بأن أولادها اليافعين فقدوا الرعاية الطبية دون سابق إنذار، وفي كثير من الأحيان دون خيارات بديلة. قالت 11 عائلة إنها اضطرت للسفر خارج الولاية لاستشارة الأطباء أو الحصول على وصفات طبية. وقال العديد من الأشخاص اليافعين إنهم لم يتمكنوا من بدء الرعاية بسبب العوائق القانونية، بالإضافة إلى العقبات الجغرافية والمالية. وانتقلت إحدى العائلات إلى ولاية أخرى.
قالت امرأة ترانس عمرها 18 عاما، توفقت رعايتها بسبب حظر حكومي: "أريد أن يعلم [المشرعون] أنهم يدمرون حياة الناس". وقال أشخاص يافعون استطاعوا الاستمرار في الحصول على الرعاية إن البيئة القانونية والسياسية العدائية فاقمت مشاعر القلق، والاكتئاب، والعزلة لديهم.
أجبر الحظر الذي فرضته ولايات معينة العديد من مقدمي الرعاية الصحية على الإغلاق أو تقليص خدماتهم. أفاد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم عن حالات أوقف فيها مقدمو الخدمات أو المؤسسات خدماتهم أكثر مما يطلبه القانون. وجدت هيومن رايتس ووتش أن الحظر كان له أثر سلبي متسلسل على أنظمة الرعاية الصحية، حيث أفاد مقدمو الخدمات في الولايات التي فرضت الحظر بصعوبة إبقاء الموظفين الطبيين الحاليين وتوظيف أطباء جدد.
أفاد جميع الموظفين الطبيين الذين تمت مقابلتهم عن تعرضهم لمضايقات تستهدف عبور النوع الاجتماعي. وقالوا إن مؤسساتهم زادت ميزانياتها الأمنية، ما أدى إلى تحويل الأموال التي كان يمكن استخدامها لرعاية المستفيدين من خدماتها. وأفادت منظمات المجتمع المدني أنها تواجه تهديدات مماثلة، إلى جانب ارتفاع تكاليف تدابير السلامة.
في تكساس، روى المتضررون أن الولاية تستهدف الأشخاص الترانس بشكل مفرط، ويشمل ذلك توجيها صدر في 2022 صنّف بعض أشكال رعاية تأكيد الجندر لليافعين على أنها "سوء معاملة أطفال". ونتيجة لذلك، أفادت بعض العائلات أنها تتجنب بالكامل التعامل المتعلق بالرعاية الصحية لحماية أولادها، الذين قد يؤدي كشف هويتهم الجندرية إلى فتح تحقيقات بتهم سوء معاملة الأطفال. في أبريل/نيسان 2025، أصدر الرئيس ترامب إعلانا يؤكد فيه أن الأهالي الذين يؤكدون الهوية الجندرية لأولادهم يسيئون معاملتهم.
قال أحد المدافعين: "يخشى الناس فقدان أولادهم. لا داعٍ لمثل هذا التشريع إذا كنت تخيف الناس لدرجة تدفعهم إلى الرقابة الذاتية".
في الولايات المتحدة، يخضع الأشخاص اليافعون الترانس عادة للتقييم الشامل لشهور أو سنوات قبل البدء بأي تدخلات طبية. تدعم المنظمات الطبية الكبرى، بما فيها "الجمعية الطبية الأمريكية"، و"الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال"، و"الجمعية الأمريكية لعلم النفس"، و"الأكاديمية الأمريكية لطب نفس الأطفال والمراهقين"، إمكانية الحصول على هذه الرعاية القائمة على الأدلة والملائمة لنموهم.
قال أحد الآباء: "يوحي الخطاب السائد في هذه الجلسات التشريعية بأنك تدخل ببساطة ليعطونك هرمونات ومثبطات. لم يحدث أي من ذلك. في السنة الأولى أو أكثر، لم تُكتب أي وصفة طبية. قال [الأطباء]: 'نحن هنا للاستماع إليكم والرد وفقا لما تعتقدون أنها احتياجاتكم'. وهو أمر رائع كوالد، فهو يريحك... إنها عملية بطيئة ومنهجية".
الولايات المتحدة ملزمة وفق القوانين الدولية بحماية حقوق الأشخاص اليافعين الترانس، بما في ذلك الحصول على الرعاية الطبية لتأكيد الجندر، كجزء من التزامها بضمان الحق في الصحة، وعدم التمييز، وسلامة الأسرة، والاستقلال الشخصي.
قالت سمالينز: "هذه القوانين تقلب حياة الناس رأسا على عقب، إذ تدفع باليافعين إلى الأزمات، وتجبر العائلات على الانسلاخ عن مكان عيشها، وتؤجج العداء ضد الأشخاص الترانس. ينبغي للمشرعين إلغاء الحظر، وضمان الوصول إلى الرعاية الطبية، وحماية الأطفال الترانس وعائلاتهم ليعيشوا بأمان وكرامة".